مشاهدة الصفحة اليوم

صــديق حميم




 ذلك النوع من الحزن، لا يتشدق بالمنطق، حين يُقْبلُ من أفق كانون الثلجي المشبع بأرصفة تشرد قاتمة الملامح، متدثراً بعباءة الغموض السوداء الثقيلة، محنياً قامته المشؤومة، من جهة لا يمكنك تحديدها ،متقدماً بخطوات واسعة وثابتة، حيث لا تعلم سوى أنه هناك، يخطو باتجاهك، وحجمه يتضخم بوتيرة كبيرة، لدرجة شعورك حين يقترب كثيراً ويسد عنك الآفاق أنه لم يكن واحداً بل أربعة قدموا من أربع الجهات! هنا تثق أنه لا مفر من تركه يمارس عادته القبيحة، وكأن شيئاً ما يجعلك تستسلم له وترخي له أنسجة جسدك، وبيارق روحك! وكأن الهروب منه قسوة متعمدة ترتكبها بحق ذاتك حيث يستبد بك شعور بكونه حين ينشب أظافره في صدرك قابضاً على كتلة قلبك إنما يقيك مما لا يمكن لك تحمله في حالة الهروب المفترض! كما أن استسلامك المازوخي لعجرفته الصامتة ناتج عن فرحك الباطني القديم جداً بكون الدموع التي تنفجر من عينيك يجعلك تتملص منه بكفاءة في الوقت الذي يظن هو أنه يدمي قلبك، فيتركك - كالكابوس -فجأة بحيث لا تدري إلى أي جهة اتجه! هنا فقط تشعر لماذا يصبح أحياناً - ذات رصيف بارد وكئيب - مفتقداً بدرجة صديق حميم ينقذك من وحدة قاتلة